Fantasia Mediouna
على هامش موسم مديونة للتبوريدة : ندوة مفتوحة حول دور الفرس في بناء الهوية والتاريخ بمديونة
جمال بوالحق : 19/07/2011
كشف عامل مديونة بوشعيب أرميل عن وجهه الآخر كرجل فكر وباحث في علم الاجتماع والقانون وكأستاذ جامعي بعد أن قدم عرضا حول دور الفرس في بناء هوية وتاريخ مديونة إلى جانب الأساتذة عبد الرحمان الفاضيلي والأستاذ ين خيري والقاص مبارك ربيع وذلك يوم الجمعة 15يوليوز بالفضاء المخصص للمعروضات الفلاحية المتاخم للساحة التي تقام عليها التبوريدة
وقد أجمعت المداخلات الأربع حول أهمية الفرس في المجتمع المديوني عبر مراحل تاريخه الطويل كمكون ثقافي ومنظوم فاعل في تسيير شؤون الدولة
وقال بوشعيب أرميل أن منطقة الشاوية لها ارتباط وطيد بالفرس ويعتبرون الخيل جزءا منهم لدرجة تفضيلها على أولادهم
وأوضح كيف أن المغاربة ككل يحتفلون بمولود الفرس وفق طقوس خاصة تنم عن حب وولع بهذا الحيوان الذي يعتبر رمزا من رموز الوجاهة والتعامل الدبلوماسي وفي الحروب أيضا حيث ثم توظيف الفرس في منظومة الأمن المغربي ولعب دورا هاما في العديد من المعارك التاريخية الهامة كمعركة الزلاقة ووادي المخازن التي شارك فيها أزيد من 60ألف من الخيول وفي حقبة الاستعمار والاستقلال معا، كانت للخيول اليد الطولى في حسم الكثير من المواجهات والإصطدامات وأوضح دورالخيول في محاربة السلوكيات الفردية والجماعية التي تخل بأمن واستقرار المواطنين في الشواطئ والمجال الغابوي وفي محاربة ظواهر الهجرة السرية ۰
وتطرق أرميل إلى اهتمام الدولة العلوية بالفرس والعناية به وتبويئه مكانة متميزة في هرم منظومة الأمن وأعطى مثالا على ذلك بالسلطان مولاي الحسن الذي ظل يجوب البلاد طولا وعرضا للاستجابة لمطالب رعاياه حتى أصبح يعرف بأن عرشه كان على ظهر جواده، أما في العهد الحالي فقد ثم إحداث فرق للخيالة سواء بالدرك أو الحرس الملكيين وأخيرا بالأمن الوطني
وبدوره عبد الرحمان الفاضيلي مداخلته حول الثقافة والتاريخ وعلاقتهما بالفرس واعتمد في ذلك على كتاب مستكشف فرنسي في بداية القرن الماضي والذي يؤرخ للهوية المحلية آنذاك يقول على أن أهل الشاوية ويقصد بهم مديونة والمذاكرة وأولاد سعيد وأولاد زيان وأولاد حدو وأمزاب معروفون بأنفتهم وبحسن تدبيرهم لشؤونهم وبقدرتهم على التحمل ويعتبرون أنفسهم عربا أقحاحا رغم ملامحهم البربرية وبأنهم مجبولون على الجدال وبحبهم التضحية في سبيل الوطن ومشاركتهم الواسعة في كل الأحداث التي عرفتها الدارالبيضاء في تلك الفترة واصفا إياهم أيضا ،بأنهم يولدون من رمادهم بعد كل حرب يخوضونها ليبنوا ما دمره العدو وقال فيهم أيضا بأنهم يدفنون موتاهم لدى أوليائهم وفي زواياهم المختلفة كالزاوية الناصرية والحراقية والفتحية والعيساوية والحمدوشية۰۰۰
.. وأختم مداخلته بأن الخليط البشري من أهل الشاوية الدين إستقروا بمديونة ونواحيها هم من صار يحمل إسم بيضاوة۰
أما الأستاذ الجامعي خيري من كلية بن امسيك فقد أشار على أن مديونة معروفة بكثرة الجنان والأودية كواد حصار وواد بوسكورة وتضم العديد من القبائل كأولاد عبو وأولاد حدو وأولاد الدايم والمجاطية فوق مساحة 700ألف كلم2
وبأنها تعرضت للتخريب في ست مناسبات أهمها كان التخريب الذي تعرضت له في سنة 1907م وأخبرنا خير الدين على أن كل قبيلة من قبائل الشاوية كانت تعرف بصفة معينة كأولاد زيان الذين كانوا يعرفون بنقارين الدوم كناية على الشجاعة والمذاكرة بالنفخة وموارد الكلخة وذلك كناية على الشجاعة أما الزيايدة بواكلين ألكليلة وهي كناية على الإقتناع والزناتيين بالجمايلية لممارستهم التجارة فوق ظهور الجمال
وبعد ذلك انتقل خيرالدين للحديث عن أولاد زيان ووصفها بتعدد مواردها المائية وبغناها الفلاحي المتميز فوق مساحة 600كلم2وبأن لها عدة قبائل أهمها الدروة ومالين العايدي ،مما يدل على أن للمنطقة نظام اجتماعي مهم وكان للفرس دور هام في الحفاظ على الموروث الثقافي والمعتقدات الدينية وأكد على أن لأولاد زيان عدة زوايا كانت معفاة من الضرائب ومصكوك لها التوقير وختم مداخلته بكون أهل الشاوية خصوصا بمديونة يعتقدون بالكرامات مثل كرامة سيدي أحمد بن لحسن وكرامة الجن بمرشيش وكان الفرس من المكونات الأساسية لتدبير هذا المجال الاجتماعي والثقافي وحماية المنطقة من كل مغير ومعتد
أما مبارك ربيع الأستاذ والقاص الذي حل ضيف شرف على فعاليات موسم سيدي أحمد بن لحسن فقدإعتبر المنطقة الخزان ألغدائي للمغرب وبأنها منطقة مقاومة ومجابهتها للمستعمر
منذ بداية القرن الماضي وقال بأنه يعرف بعض القبائل التي غنمت بعض الأسلحة التي إستولت عليها أثناء المعارك الأرضية مع جيوش الاستعمار
وعن الفروسية قال مبارك بأنها نشاط حربي إتخد صبغة راقية وفنية وتتجلى في التحام باهر مابين الفارس وفرسه مركزا على أهمية تعليم الأطفال أبجديات الفروسية ومستشهدا بأقوال الصحابة في هذا المجال علموا أطفالكم السباحة والرماية وركوب الخيل والمحافظة على اللباس التقليدي من الانقراض واصفا الذي يعتني بالفرس ويربيه بأنه يعتني بمجد المغرب وتاريخه ومركزا أيضا على الاهتمام بمربي الخيول من أجل ضمان إستمراريته۰
وقد تحدث مبارك عن روح الوحدة مابين شعوب المغرب العربي وتشابه الأعراف والتقاليد وأعطى مثالا على ذلك بمنطقة الشاوية الجزائرية ذات الأصل الأمازيغي وشاوية المغرب ذات الجذور العربية والذي أكد على أن لهما عادات متشابهة فيما يخص الاحتفال بالفرس والاهتمام به وبطقوس رفع الخيام وبناءها، خاتما مداخلته بديوان الفروسية لابن المنطقة الشاعر أحمد المجاطي الذي تحدث في قصائد ديوانه عن وصفه لحركات الصربة والفرس والفارس
ولتنتهي الندوة بعدة مداخلات من طرف الحضور ممن يهتمون بفن الفروسية والتبوريدة ليؤكدوا على تاريخية الفرس بالمغرب وقدمه الراسخ منذ الحقبة الرومانية وبنقاء هذا الحيوان وعفته ورفضه الأكل على علف بقايا الحيوانات الأخرى
وبعد نهاية اللقاء تمت دعوة الحضور إلى وجبة غداء ببهو دارالطالبة المجاور لفضاء (محرك) الخيالة